samedi 19 août 2017

هجرة الاندلسيون لتلمسان

هجرة الأندلسيون لتلمسان ...

تعتبر مدينة تلمسان الجزائرية و احوازها من المناطق التي استقبلت أكبر أعداد من الأندلسيين لكونها حاضرة المغرب الاسلامي آنذاك و أيضا لكونها من أقرب المناطق الى الأندلس و هم إلى يومنا هذا يشكلون أغلب سكانها الذين يختلفون قليلا عن بقية سكان الغرب الجزائري في اللهجة و الطباع والعادات و التقاليد ..
1- موجات الهجرة المبكرة ..فرضتها ظروف الاكتظاظ السكاني في الأندلس و الحاجة إلى تصريف الفائض من السكان و أيضا الى بداية الهجمات الصليبية على مدن الأندلس الشمالية . من القبائل الأندلسية المهاجرة قبيلة بني الصميئل المضرية من مدينة جيان جنوب الأندلس وقد استوطنوا جنوب شرق حاضرة تلمسان وتحمل اسمها بلدية بني صميل إلى الأن في التقسيم الإداري وأيضا قبيلة أندلسية أخرى قبيلة أولاد بن دحو أبو زرفة وهي تنحدر من أمراء بني حمود الأندلسيين وهم احدى الطوائف الأندلسية ...
2-هجرة أهل قرطبة ..بعد سقوط العاصمة الأموية التليدة سنة 1236 هاجر مجمل أهلها إلى مدينة تلمسان و استوطن ما لا يقل عن 50 ألفا منهم حاضرتها وأصبح ثقلهم يوازي ثقل سكان المدينة الأصليين الملقبين بالجداريين ثم توالت هجرات أهل الأندلس تباعا كلما سقطت مدينة أو حصن أو بلدة اندلسية وقد وفر لهم السلاطين الزيانيون سبل العيش الكريم واقطعوهم اراضي جديدة ..ويصرح ابن الخطاب بأن يغمراسـن بن زيان حاكم إقليم تلمسان ومؤسس الدولة الزيانية، فضل أن يسكن المهاجرين الأندلسيين مدينة تلمسان، عن جيمع المدن الأخرى، وفي هذا الصدد يقول: ((وأطلع (يغمراسن) على أغراضهم (الأندلسيون) السديدة في اختيار حضرته السعيدة للسكنى، على سائر البلاد، فلحظ منهم النية واعتبرها وأظهر عليهم مزايا مالهم من هذه... وأذن أيده الله لهم ولمن شاء من أهل تلمسان)) .
وأن ظهير يغمراسن يجعل من منحه السكن، ووسائل أخرى لهؤلاء، هو تهدئة لنفوسهم المصابة من ظلم خصومهم واعدائهم، وطمأنتهم على حاضرهم ومستقبلهم وفي هذا يقول ابن خطاب : ((ووطأ لهم جناب احترامه تأنيسا لقلوبهم المنجاشة إلى جانب العلي واستيلافا، وأشاد بماله فيهم من المقاصد الكرام، وأطفى عليهم من جنن حمايته ما يدفع عنهم طواق الاضطهاد))
ولعل أكبر جالية أندلسية نزلت بتلمسان، هي التي كانت في عهدي السلطانين عبد الواحد بن أبي عبد الله (814-827هـ/1411-1424م)، وخلفه أبي العباس أحمد الزياني (834-862هـ/1431-1462م)، وقد استقبلهم هذا الأخير بحفاوة ووجههم حسب طبقاتهم وحرفهم، فالعلماء والوجهاء وسراة القوم، أنزلهم عاصمته مدينة تلمسان، وأنزل معهم التجار والحرفيين، وأصحاب رؤوس الأموال في درب خاص بهم، عرف بدرب الأندلسيين.. وقد أقدم المحترفون بالفلاحة، على تطوير الزراعة، وتجديدها باستعمال أساليب وطرق زراعية متطورة، في ضواحي مدينة تلمسان، وخارج أسوارها ولاسيما على ضفتي وادي الوريط، واختص آخرون بفن البناء والعمارة وصناعة الجلود، وفن الخطوط والتعليم وتجارة الخشب، بينما اتجه آخرون إلى الاشتغال بالتجارة، ومختلف الصناعات المفيدة، من طرز ونسج الحرير، وحياكة القطن، والكتان، وغزل الصوف، وقاموا بتطوير صناعة الفخار والخزف، وأنواع عديدة من السلاح، وسائر الأواني والأدوات المنزلية المعروفة آنذاك، ويؤكد ذلك المؤرخ ابن الأعرج بقوله : ((وكان لعهد نزول الأندلسيين بها (تلمسان) مزدانة بالمصانع المفيدة، فما شئت من أطرزه/ ومنسوجات الحرير، والقطن والكتان والصوف، ومعامل الفخار والخزف وأنواع السلاح، وسائر الأواني المنزلية))، وقوله في مكان آخر أنهم:
((نشروا بين الناس آدابهم وراجت مصانعهم، وقلدهم الناس في فلاحتهم، واعتنائهم بغرس الزيتون، وسائر الفواكه، حتى صارت البلاد وأهلها في حالة زاهية وعيشة راضية))، وعمل بعض الأندلسيين، في صفوف الجيش الزياني، كجنود وضباط في الفرق العسكرية، فقد استعمل منهم أبو يحي يغمراسن، إبراهيم الآبلي وأخاه أحمد، في سلك الجندية، حتى صار إبراهيم قائدا عاما لمدينة هنين .
3-الهجرة الكبرى بعد سقوط غرناطة اخر معقل إسلامي في الأندلس...لا يوجد تقدير دقيق لعدد الغرناطيين المهاجرين لكن الثابت أن مدينتي تلمسان الجزائرية و فاس المغربية استقبلتا اكبر عدد من الغرناطيين المهاجرين و كان عددهم يتجاوز مئات الالاف على أقل تقدير و قد سبقهم ملكهم ملك غرناطة و ألمرية و مالقة ابو عبد الله الزغل الذي هاجر بأهله وجنده وكثير من أهل ألمرية الى تلمسان أيضا وقد عجزت المدينة وحدها عن استقبال هذا العدد الضخم فقام الزيانيون بإقطاع الاندلسيين أراضي خارج المدينة و عمر الأندلسيون حاضرة تلمسان و بنوا مدنا جديدة في الأحواز مثل عين فزة و تونان و الغزوات و عمروا مدنا اخرى مثل ندرومة و هنين و غيرها ...و توالت هجرات الاندلسيين بعد السقوط الى قرار الطرد الأخير ..
4-هجرة الموريسكيين ...بعد قرار الملك الاسباني بطرد احفاد الأندلسيين الذين صاروا يسمون بالموريسكيين وقدر عددهم المقري التلمساني صاحب كتاب نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب بالألاف حيث قال" ونزح منهم ألوف الى فاس و ألوف إلى تلمسان من وهران وجمهورهم إلى تونس "..و قد لاقى الموريسكيون بعض الصعوبات في موطنهم الجديد على عكس الأندلسيين بسبب اختلافهم عن سكان البلد وأيضا عاداتهم وأشكالهم و أسماءهم التي لم تكن تعبر عن اسلامهم ..
المصادر :
كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب للمقري التلمساني
كتاب تلمسان الاندلس الموعود لقصي زاوي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire